فصل: باب الصلاة في الكعبة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 باب الصلاة في الكعبة

- الحديث الأول‏:‏ روى أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ

- صلى في جوف الكعبة يوم الفتح، قلت‏:‏ أخرج البخاري عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ دخل الكعبة، هو‏.‏ وأسامة‏.‏ وبلال‏.‏ وعثمان بن طلحة الحجبي رضي اللّه عنهم، فأغلقها عليه، ثم مكث فيها، قال ابن عمر‏:‏ فسألت بلالًا حين خرج ما صنع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال جعل عمودين عن يساره، وعمودًا عن يمينه ‏[‏كذا في النسخ المخطوطة - بالدار وغيرها - ‏"‏البجنوري‏"‏‏.‏

‏]‏، وثلاثة أعمدة وراءه، ثم صلى، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، انتهى‏.‏ وقال البخاري في رواية‏:‏ وعمودًا عن يساره، وعمودًا عن يمينه، وفي رواية منقطعة‏:‏ عمودين عن يمينه، قال المنذري في ‏"‏مختصره‏"‏، ثم الشيخ تقي الدين رحمه اللّه في ‏"‏الإِمام‏"‏‏:‏ وقد اختلف فيه على مالك فروى عنه‏:‏ عمودين عن يمينه، وعمودًا عن يساره، وروى عنه‏:‏ عمودًا عن يمينه، وعمودًا عن يساره، رواهما البخاري ‏[‏البخاري في ‏"‏باب الصلاة بين السواري في غير جماعة‏"‏ ص 72‏.‏‏]‏ وروى عنه‏:‏ عمودين عن يساره، وعمودًا عن يمينه، رواه مسلم، وأخرجا ‏[‏مسلم في ‏"‏الحج - في باب استحباب دخول الكعبة‏"‏ ص 428‏]‏ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ قدم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يوم الفتح، فنزل بفناء الكعبة، وأرسل إلى عثمان بن طلحة، فجاء بالمفتاح، ففتح الباب، قال‏:‏ ثم دخل النبي عليه السلام، وبلال، وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة، وأمر بالباب، فأغلق، فلبثوا فيه مليًا، وللبخاري ‏[‏البخاري في ‏"‏الجهاد - في باب الردف على الحمار‏"‏ ص 419 - ج 1‏]‏ رضي اللّه عنه‏:‏ فمكثوا فيه نهارًا طويلًا، ثم فتح الباب، قال عبد اللّه‏:‏ فبادرت الباب، فتلقيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ خارجًا، وبلال على إثره، فقلت لبلال‏:‏ هل صلى فيه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قلت‏:‏ أين‏؟‏ قال‏:‏ بين العمودين، تلقاء وجهه، قال‏:‏ ونسيت أن أسأله، كم صلى، انتهى‏.‏ وهذا المتن أقرب إلى لفظ المصنف، وأخرجا ‏[‏البخاري في ‏"‏باب إغلاق البيت‏"‏ ص 217، ومسلم‏:‏ ص 428‏]‏ عن سالم عن ابن عمر، قال‏:‏ أخبرني بلال أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صلى في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين، انتهى‏.‏ أخرجا ‏[‏قلت‏:‏ أخرج البخاري في ‏"‏الحج‏"‏ طريق سالم فقط، واللّه أعلم‏.‏‏]‏ هذه الأحاديث في ‏"‏الحج‏"‏، وأخرج البخاري ‏[‏ص 57 - ج 1‏.‏‏]‏ في ‏"‏الصلاة - في باب قوله تعالى‏:‏ ‏{‏واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى‏}‏‏ [البقرة: 125] "‏ عن مجاهد، قال‏:‏ أتى ابن عمر، فقيل له‏:‏ هذا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ دخل الكعبة، فقال ابن عمر‏:‏ فأقبلت والنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قد خرج، وأجد بلالًا قائمًا بين البابين، فسألت بلالًا، فقلت‏:‏ أصلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في الكعبة‏؟‏ قال‏:‏ نعم، ركعتين بين الساريتين اللتين على يساره إذا دخلت، ثم خرج، فصلى في وجه الكعبة ركعتين، انتهى‏.‏ قال عبد الحق في ‏"‏الجمع بين الصحيحين‏"‏‏:‏ هكذا قال، وأكثر الأحاديث على أنه لم يعلمه كم صلى، انتهى‏.‏

المعارض‏:‏ أخرجا عن ابن جريج ‏[‏البخاري في ‏"‏الصلاة - في باب قوله تعالى ‏{‏واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى‏}‏‏ [البقرة: 125] "‏ ص 57، ومسلم في ‏"‏الحج‏"‏ ص 429 عن همام عن عطاء به، وفيه حديث أسامة عن ابن جريج عن عطاء‏.‏‏]‏ عن عطاء عن ابن عباس أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ دخل الكعبة، وفيها ست سواري، فقام عند سارية، فدعا، ولم يصل، انتهى‏.‏ وبه عن ابن عباس، أخبرني أسامة بن زيد، أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لما دخل البيت، دعا في نواحيه كلها، ولم يصل فيه حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين، وقال‏:‏ هذه القبلة، مختصر، وحديث أسامة هذا روى خلافه أحمد في ‏"‏مسنده ‏[‏أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 204 - ج 5، و ص 207، وقال الهيثمي في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 294 - ج 3‏:‏ رواه أحمد‏.‏ والطبراني في ‏"‏الكبير‏"‏ بمعناه، ورجاله رجال الصحيح، اهـ‏.‏‏]‏‏"‏‏.‏ وابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع الخامس عشر، من القسم الخامس، عن عمارة بن عمير عن أبي الشعثاء عن ابن عمر، أخبرني أسامة بن زيد أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صلى في الكعبة بين الساريتين، ومكثت معه عمرًا لم أسأله كم صلى، انتهى‏.‏ وهذا سند صحيح، وقد يعلل حديث ابن عباس بالإِرسال، فإنه رواه عن أخيه الفضل بن عباس، كما رواه أحمد ‏[‏قال أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 211‏:‏ وقال الهيثمي في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 293 - ج 3‏:‏ رجاله ثقات‏.‏‏]‏‏.‏ وإسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنديهما‏"‏، ثم الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ من طريق محمد بن إسحاق حدثني عبد اللّه بن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح، أو عن مجاهد عن عبد اللّه بن عباس، حدثني أخي الفضل، وكان مع النبي عليه السلام حين دخل الكعبة أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لم يصل في الكعبة، ولكنه لما دخلها وقع ساجدًا بين العمودين، ثم جلس يدعو، زاد الطبراني ‏[‏قال الهيثمي في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 294 - ج 3‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏الكبير‏"‏ وفيه ابن إسحاق، وهو ثقة، لكنه مدلس‏.‏‏]‏‏:‏ وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما‏:‏ ما أحب أن أصلي في الكعبة، من صلى فيها فقد ترك شيئًا خلفه، ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه - في الحج‏"‏ أخبرنا ابن جريج حدثنا عمرو بن دينار أن ابن عباس أخبره أنه دخل البيت، إلى آخره، قال السهيلي ‏[‏السهيلي‏.‏ ص 275 - ج 2‏.‏‏]‏ في ‏"‏الروض الأنف‏"‏‏:‏ أخذ الناس بحديث بلال، لأنه مثبت، وقدّموه على حديث ابن عباس، لأنه نفي، وإنما يؤخذ بشهادة المثبت، ومن تأول قول بلال رضي اللّه عنه أنه صلى، أي دعا، فليس بشيء، لأن في حديث ابن عمر أنه صلى ركعتين، رواه البخاري، وقد تقدم قريبًا، ولكن رواية بلال، ورواية ابن عباس صحيحتان، ووجههما أنه عليه السلام، دخلها يوم النحر، فلم يصلّ، ودخلها من الغد، فصلى، وذلك في حجة الوداع، وهو حديث مروي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، بإِسناد حسن، أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏، وهو من فرائده، انتهى كلامه‏.‏ قلت‏:‏ حديث ابن عمر الذي أشار إليه، رواه الدارقطني ‏[‏الدارقطني‏:‏ ص 182، والبيهقي‏:‏ ص 329 - ج 2‏.‏

‏]‏ بسنده عن يحيى بن جعدة عن ابن عمر، قال‏:‏ دخل النبي عليه السلام البيت، ثم خرج، وبلال خلفه، فقلت لبلال‏:‏ هل صلى‏؟‏ قال‏:‏ لا، فلما كان من الغد دخل، فسألت بلالًا، هل صلى‏؟‏ قال‏:‏ نعم، صلى ركعتين، انتهى‏.‏ وأخرج الدارقطني أيضًا ‏[‏الدارقطني‏:‏ ص 183، والبيهقي‏:‏ ص 329 - ج 2، وقال الهيثمي في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 294 - ج 3‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏الكبير‏"‏ وفيه أبو مريم، روى عن صغار التابعين، ولم أعرفه، وبقية رجاله موثقون، وفي بعضهم كلام، اهـ‏.‏ قلت‏:‏ هو عبد الغفار بن القاسم ساقط، قاله في ‏"‏اللسان‏"‏‏.‏‏]‏، والطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال‏:‏ دخل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ البيت، فصلى بين الساريتين ركعتين، ثم خرج، فصلى بين الباب والحجر ركعتين، ثم قال‏:‏ هذه القبلة، ثم دخل مرة أخرى، فقام يدعو، ثم خرج ولم يصلّ، انتهى‏.‏ وفي هذا اللفظ ما يعكر على اللفظ الذي قبله، قال البيهقي ‏[‏البيهقي‏:‏ ص 329 - ج 2‏.‏‏]‏‏:‏ وهاتان الروايتان إن صحتا، ففيهما دلالة على أنه عليه السلام دخل البيت مرتين، فصلى مرة، وترك مرة، إلا أن في ثبوت الحديثين نظر، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ ويعكر عليهما ما رواه إسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏‏.‏ والطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ ‏[‏قال الهيمثي في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 293 - ج 3‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏الكبير‏"‏ وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف، قد وثق، اهـ‏.‏ قلت‏:‏ وفيه‏:‏ ‏"‏لم يدخل البيت عام الفتح، ودخل في الحج‏"‏ فليراجع‏.‏‏]‏، قال إسحاق‏:‏ أخبرنا أحمد بن أيوب عن أبي حمزة عن جابر بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس، أن النبي عليه السلام لم يدخل البيت في الحج، ودخله عام الفتح، ولفظ إسحاق‏:‏ يوم الفتح يمحو صورًا فيه، فلما دخله أمر بالصور، فمحيت، زاد الطبراني‏:‏ فلما نزل، صلى أربع ركعات، أو قال‏:‏ ركعتين بين الحجر‏.‏ والباب، مستقبل القبلة، وقال‏:‏ هذه القبلة، انتهى‏.‏ وفي ‏"‏البخاري ‏[‏البخاري في ‏"‏الحج‏"‏ ص 218، وأبو داود في ‏"‏الحج‏"‏ ص 284‏]‏ - في باب من كبر في نواحي البيت‏"‏ عن ابن عباسن قال‏:‏ لما قدم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أبى أن يدخل البيت، وفيه الآلهة، وأمر بها، فأخرجت، فأخرجوا صورة إبراهيم، وإسماعيل عليهما السلام، وفي أيديهما الآزلام، فقال عليه السلام،‏:‏ قائلهم اللّه، أما علموا أنهما لم يستقسما بهما قط، فدخل البيت، فكبر في نواحيه، ولم يصلّ فيه، انتهى‏.‏ فهذا ابن عباس أخبر أنه عليه السلام لم يصل فيه يوم الفتح، لأن إخراج الصور من البيت إنما كان زمن الفتح، ومحال أن يكون عام الحج، واللّه أعلم‏.‏ وقال ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏‏:‏ ولا تعارض بين خبر بلال، وخبر ابن عباس، بل يحمل حديث ابن عمر على يوم الفتح، وحديث ابن عباس على حجة الوداع، انتهى‏.‏ وهذا يردّه الحديث الذي قبله، أنه عليه السلام لم يدخل البيت في الحج‏.‏